فصل: الباب الخامس في الحضانة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 الباب الرابع في نفقة الأقارب

سبق أن أحد أسباب وجوب النفقة والمؤن القرابة وفيه طرفان‏.‏

الطرف الأول في مناط هذه النفقة وشرائط وجوبها وكيفيتها وفيه مسائل إحداها إنما تجب النفقة بقرابة البعضية فتجب للولد على الوالد وبالعكس وسواء فيه الأب والأم والأجداد والجدات وإن علوا والبنون والبنات والأحفاد وإن نزلوا الذكر والأنثى والوارث وغيره والمسلم والكافر من الطرفين وفي وجه لا تجب على المسلم نفقة كافر وفي وجه لا تجب على الأم نفقة بحال حكاهما ابن كج وهما شاذان ضعيفان ولا يلحق بالأصول والفروع سائر الثانية لا تجب نفقة القريب إلا على موسر وهو من فضل عن قوته وقوت عياله في يوم وليلة ما يصرفه إلى القريب فإن لم يفضل شيء فلا شيء عليه وفي التهذيب وغيره وجه أنه لا يشترط يسار الوالد في نفقة الولد الصغير فعلى هذا يستقرض عليه ويؤمر بقضائه إذا أيسر والصحيح الأول‏.‏

ويباع في نفقة القريب ما يباع في الدين من العقار وغيره لأنها حق مالي لا بدل له فأشبه الدين وفي كيفية بيع العقار وجهان حكاهما ابن كج أحدهما يباع كل يوم جزء بقدر الحاجة‏.‏

والثاني أن ذلك يسبق فيقترض عليه إلى أن يجمع ما يسهل بيع العقار له‏.‏

الثالثة إذا لم يكن مال لكنه كان ذا كسب يمكنه أن يكسب ما يفضل عنه فهل يكلف الكسب لنفقة القريب فيه أوجه أحدهما لا كما لا يكلف الكسب لقضاء الديون‏.‏

والثاني وهو الصحيح وبه قطع الأكثرون لأنه يلزمه إحياًء نفسه بالكسب فكذا أصله وفرعه ويخالف الدين فإنه لا ينضبط والنفقة يسيرة‏.‏

والثالث يكلف للولد دون الوالد‏.‏

فرع يجب الإكتساب لنفقة الزوجة على المذهب ونقل الإمام وغيره فيه وجهين لالتحاقها بالديون‏.‏

الرابعة من له مال يكفيه لنفقته أو هو مكتسب لا تجب نفقته على القريب سواء كان مجنونًا صغيراً زمناً أو بخلافه ومن لا مال له ولا هو مكتسب ينظر إن كان به نقص في الحكم كالصغير والمجنون أو في الخلقة كالزمن والمريض والأعمى لزم القريب نفقته فإذا بلغ الصغير والمجنون حداً يمكن أن يعلم حرفة أو يحمل على الكسب فللولي أن يحمله عليه وينفق عليه من كسبه لكن لو هرب عن الحرفة أو ترك الإكتساب في بعض الأيام فعلى القريب نفقته وكذا لو كان لا تليق به الحرفة وإن لم يكن به نقص في الحكم ولا في الخلقة لكنه كان لا يكتسب مع القدرة على الكسب فإن كان من الفروع لم تجب نفقته على المذهب سواء فيه الإبن والبنت وإن كان من الأصول وجبت على الأظهر لأن الله تعالى أمر بمصاحبتهم بالمعروف وليس من المعروف تكليفهم الكسب مع كبر السن وكما يجب الإعفاف ويمتنع القصاص ولحرمة الوالدين‏.‏

هذه طريقة الجمهور ولم يفرقوا بين اكتساب واكتساب ومنهم من جعل الخلاف أولاً في اشتراط العجز عن كسب يليق به ثم قالوا إن شرط ذلك ففي اشتراط العجز عن كل كسب يليق به بالزمانة وجهان ورأوا الأعدل الأقرب الاكتفاء بعجزه عما يليق به من الأكساب وأوجبوا النفقة مع القدرة على الكنس وحمل القاذورات وسائر ما لا يليق به وهذا حسن‏.‏

الخامسة نفقة القريب لا تتقدر بل هي قدر الكفاية وعن ابن خيران أنها تتقدر بقدر نفقة الزوجة والصحيح الأول لأنها تجب لتزجية الوقت ودفع حاجته الناجزة فتعتبر الحاجة وقدرها حتى لو استغنى في بعض الأيام بضيافة وغيرها لم تجب وتعتبر حاله في سنه وزهادته ورغبته فالرضيع تكفي حاجته بمؤنة الإرضاع في الحولين والفطيم والشيخ ما يليق بهما ولا يشترط انتهاء المتفق عليه إلى حد الضرورة ولا يكفي ما يسد الرمق بل يعطيه ما يستقل به ويتمكن معه من التردد والتصرف ويجب الأدم كما يجب القوت وفي التهذيب نزاع في الأدم وتجب الكسوة والسكنى على ما يليق بالحال وإذا احتاج إلى الخدمة وجبت مؤنة الخادم‏.‏

السادسة تسقط نفقة القريب بمضي الزمان ولا يصير ديناً في الذمة سواء تعدى بالإمتناع من الإنفاق أم لا وفي الصغير وجه أنها تصير ديناً تبعاً لنفقة الزوجة والصحيح الأول لأنها مواساة ولهذا قال الأصحاب لا يجب فيها التمليك وإنما يجب الإمتناع ولو سلم النفقة إلى القريب فتلفت في يده أو أتلفها وجب الأبدال لكن إذا أتلفها لزمه ضمانها إذا أيسر ويستثنى ما إذا أقرضها القاضي أو أذن في الإقتراض لغيبة أو امتناع فيصير ذلك ديناً في الذمة‏.‏

السابعة قد سبق في النكاح أن الإبن يلزمه إعفاف أبيه على المشهور وأنه إذا أعفه بزوجة أو ملكه جارية لزمه نفقتها ومؤنتها حيث تلزمه نفقة الأب فلو كان للأب أم ولد لزم الولد أيضاً نفقتها ولو كان تحته زوجتان فأكثر لم يلزمه إلا نفقة واحدة ويدفع تلك النفقة إلى الأب وهو يوزعها عليهما ولكل واحدة الفسخ لفوات بعض حقها فإن فسخت واحدة تمت النفقة للأخرى وحكى الشيخ أبو علي وجهاً أنه إذا كان تحت الأب زوجتان فأكثر لم يلزم الولد لهما شيئاً لأن المستحقة لا تتعين وهو شاذ ضعيف‏.‏

ولو كان للأب أولاد فوجهان قال المتولي يلزم الإبن الإنفاق عليهم لأن نفقتهم على الأب فيتحملها الإبن عنه كنفقة الزوجة والصحيح أنه لا يجب وبه قطع الشيخ أبو علي ويخالف الزوجة فإنها إن لم ينفق فسخت فيتضرر الأب ولأن نفقتها تجب على الأب وإن كان معسراً‏.‏

فرع إذا كان الإبن في نفقة أبيه وله زوجة فوجهان حكاهما القاضي أبو حامد وغيره أحدهما يلزم الأب نفقتها ونفقة كل قريب وجبت نفقته لأنه من تمام الكفاية وبهذا قطع صاحب المهذب وأصحهما لا تلزمه لأنه لا يلزم الأب إعفاف الإبن‏.‏

فرع كما تجب على الإبن نفقة زوجة الأب تجب عليه كسوتها قال البغوي ولا يلزم الأدم ولا نفقة الخادم لأن فقدهما لا يثبت الخيار لكن قياس ما ذكرنا أن الإبن يتحمل ما لزم الأب وجوبهما لأنهما واجبان على الأب مع إعساره‏.‏

الثامنة إذا امتنع الأب من الإنفاق على الولد الصغير أو كان غائباً أذن القاضي لأمه في الأخذ من ماله أو الإستقراض عليه والإنفاق على الصغير بشرط أهليتها لذلك وهل تستقل بالأخذ من ماله وجهاً ن أصحهما نعم لقصة هند‏.‏

والثاني المنع لأنها لا تتصرف في ماله وتحمل قصة هند على أنه كان قضاء أو إذناً لها لا إفتاءً وحكماً عاماً وفي استقلالها بالإقتراض عليه إذا لم تجد له مالاً وجهان مرتبان وأولى بالمنع لخروجه عن صورة الحديث ومخالفته القياس وعن القفال تجويزه فإن أثبتنا استقلالها أو لم يكن في البلد قاض وأشهدت لزمه قضاء ما اقترضته وإن لم تشهد فوجهان ولو أنفقت على الطفل الموسر من مال نفسه بغير إذن الأب والقاضي فوجهان وأولى بالجواز لأنها لا تتعدى مصلحة الطفل ولا تتصرف في غير ماله‏.‏

ولو أنفقت عليه من مالها بقصد الرجوع وأشهدت رجعت وإلا فوجهان‏.‏

التاسعة إذا امتنع القريب من نفقة قريبه فللمستحق أخذ الواجب من ماله إن وجد جنسه وفي غير الجنس خلاف يأتي في الدعاوى إن شاء الله تعالى وإن كان غائباً ولا مال له هناك راجع القاضي ليقترض عليه فإن لم يكن هناك قاض واقترض نظر هل أشهد أم لا على ما ذكرناه في اقتراض الأم للطفل‏.‏

العاشرة إذا كان الأب الذي عليه الإنفاق غائبا والجد حاضر فإن تبرع بالإنفاق فذاك وإلا فبقرض القاضي أو يأذن للجد في الإنفاق ليرجع على الأب وفي البحر وجه ضعيف أنه لا يرجع‏.‏

ولو استقل الجد بالإقتراض فإن أمكنه مراجعة القاضي فليس على الأب قضاؤه على الصحيح وإلا فينظر في الإشهاد وعدمه‏.‏

الحادية عشرة إذا وجبت نفقة الأب أو الجد على الصغير أو المجنون أخذاها من ماله بحكم الولاية ولهما أن يؤاجراه لما يطيقه من الأعمال ويأخذا من أجرته نفقة أنفسهما والأم لا تأخذ إلا بإذن الحاكم وكذا الإبن إذا وجبت نفقته على الأب المجنون فلو كان يصلح لصنعة فللحاكم أن يولي ابنه إجارته وأخذ نفقة نفسه من أجرته‏.‏

 فصل على الأم أن ترضع ولدها

اللبأ يجب على الأم أن ترضع ولدها اللبأ ولها أن تأخذ عليه الأجرة إن كان لمثله أجرة وفي وجه ذكره الماوردي لا أجرة لها لأنه متعين عليها والصحيح الأول كما يلزم بذل الطعام للمضطر ببدله ثم إن لم يوجد بعد سقي اللبأ مرضعة غيرها لزمها الإرضاع وكذا لو لم يوجد إلا أجنبية لزمها الإرضاع وإن وجد غيرها وامتنعت الأم من الإرضاع لم تجبر سواء كانت في نكاح الأب أم بائنة وسواء كانت ممن يرضع مثلها الولد في العادة أم لا‏.‏

وإن رغبت الأم في الإرضاع فلها حالان‏.‏

أحدهما أن تكون في نكاح أبي الرضيع فهل له منعها من إرضاعه وجهان أحدهما لا لأن فيه قلت الأول أصح وممن صححه البغوي والروياني في الحلية وقطع به الدارمي والقاضي أبو الطيب في المجرد والمحاملي والفوراني وصاحب التنبيه والجرجاني والله أعلم‏.‏

فإن قلنا ليس له المنع أو توافقا على الإرضاع فإن كانت متبرعة فذاك وهل تزاد نفقتها للإرضاع وجهان أحدهما قاله أبو إسحاق والإصطخري نعم ويجتهد الحاكم في قدر الزيادة لأنها تحتاج في الإرضاع إلى زيادة الغذاء‏.‏

وأصحهما لا لأن قدر النفقة لا يختلف بحال المرأة وحاجتها وإن طلبت أجرة بني على أن الزوج هل له استئجار زوجته لإرضاع ولده فيه وجهان ذكرناهما في الإجارة قال العراقيون لا يجوز وأصحهما الجواز فعلى هذا حكمها إذا طلبت الأجرة حكم البائن إذا طلبت الإرضاع بأجرة وسنذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

وإذا أرضعت بالأجرة فإن كان الإرضاع لا يمنع من الإستمتاع ولا ينقصه فلها مع الأجرة النفقة وإن كان يمنع أو ينقص فلا نفقة لها كذا ذكره البغوي وغيره ويشبه أن يجيء فيه الخلاف فيما لو سافرت لحاجتها بإذنه وإن قلنا لا يجوز الإستئجار وأرضعت على طمع الأجرة ففي استحقاقها أجرة المثل وجهان قال ابن خيران تستحق لأنها لم تبذل منفعتها مجاناً وقال الجمهور لا تستحق‏.‏

الحال الثاني أن تكون مفارقة فإن تبرعت بالإرضاع لم يكن للأب المنع وإن طلبت أجرة نظر إن طلبت أكثر من أجرة المثل لم يلزمه الإجابة وكان له استرضاع أجنبية بأجرة المثل وإن طلبت أجرة المثل فهي أولى من الأجنبية بأجرة المثل فإن وجد أجنبية تتبرع أو ترضى بدون أجرة المثل فهل للأب انتزاع الولد منها فيه طريقان أشهرهما على قولين أظهرهما له الإنتزاع والطريق الثاني له الإنتزاع قطعاً وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق وابن أبي هريرة والإصطخري فعلى المذهب لو اختلفا فقال الأب أجد متبرعة وأنكرت فهو المصدق بيمينه لأنها تدعي عليه أجرة الأصل عدمها ولأنه تشق عليه البينة وحيث أوجبنا الأجرة فهي في مال الطفل فإن لم يكن له مال فعلى الأب كالنفقة‏.‏

الطرف الثاني في اجتماع أقارب المحتاج والأقارب المحتاجين وفيه أربعة فصول‏.‏

القصل الأول اجتماع الفروع الذين تلزمهم النفقة في اجتماع الفروع الذين تلزمهم النفقة للأصل المحتاج فإذا اجتمع اثنان من الأولاد نظر إن استويا في القرب والوراثة أو عدمها والذكورة والأنوثة فالنفقة عليهما بالسوية سواء استويا في اليسار أم تفاوتا وسواء أيسرا بالمال أو الكسب أو أحدهما بمال والآخر بكسب فإن كان أحدهما غائباً أخذ قسطه من ماله فإن لم يكن له مال اقترض عليه‏.‏

وإن اختلفا في شيء من ذلك ففيه طريقان أحدهما النظر إلى القرب فإن كان أحدهما أقرب فالنفقة عليه سواء كان وارثاً أو غيره ذكراً أو أنثى فإن استويا في القرب ففي التقديم بالإرث وجهان فإن قدمنا بالإرث فكانا وارثين فهل يستويان في قدر النفقة أم تتوزع بحسب الإرث وجهان الطريق الثاني النظر إلى الإرث فإن كان أحدهما وارثاً دون الآخر فالنفقة على الوارث وإن كان الآخر أقرب فإن تساويا في الإرث قدم الأقرب فإن تساويا في القرب فالنفقة عليهما ثم هل تستوي أم توزع بحسب الإرث فيه الوجهان‏.‏

وإذا استويا في المنظور إليه على اختلاف الطريقين فهل يختص الذكر بالوجوب أم يستويان وجهان وأصح الطريقين عند الإمام والغزالي والبغوي وغيرهم الأول دون اعتبار الإرث والذكورة واختيار العراقيين يخالفهم في بعض الصور كما نذكره في الأمثلة إن شاء الله تعالى‏.‏

أمثلة ابن وبنت النفقة عليهما سواء إن اعتبرنا القرب أو أصل الإرث وإن اعتبرنا مقدار الإرث فهي عليهما أثلاثاً وإن اعتبرنا الذكورة فعلى الإبن فقط وهو اختيار العراقيين‏.‏

بنت وابن ابن هي على البنت إن اعتبرنا القرب وعليهما بالسوية إن اعتبرنا الإرث وعلى ابن الإبن إن اعتبرنا الذكورة وهذا اختيار العراقيين‏.‏

بنت وابن بنت هي على البنت إن اعتبرنا القرب أو الإرث وعلى ابن البنت إن اعتبرنا الذكورة

ابن ابن وابن بنت عليهما إن اكتفينا بالقرب وعلى الأول إن رجحنا الإرث‏.‏

بنت ابن وابن بنت هي على بنت الإبن إن اعتبرنا الإرث وعلى ابن البنت إن اعتبرنا الذكورة وعليهما إن اكتفينا بالاستواء في الدرجة‏.‏

بنت بنت وبنت ابن ابن هي على الأولى إن اعتبرنا القرب وعلى الثانية إن اعتبرنا الإرث‏.‏

بنت بنت وبنت ابن عليهما إن اكتفينا بالإستواء في الدرجة وعلى الثانية إن اعتبرنا الإرث‏.‏

ابن وولد خنثى إن قلنا في اجتماع الإبن والبنت تكون عليهما فكذا هنا وإن قلنا تكون على الإبن فهنا وجهان أحدهما على الإبن نصفها لأنه المستيقن والنصف الآخر يقترضه الحاكم فإن بان ذكراً فالرجوع عليه وإلا فعلى الإبن وأصحهما يؤخذ الجميع من الإبن فإن بان الخنثى ذكراً رجع عليه بالنصف‏.‏

بنت وولد خنثى إن قلنا في اجتماع الإبن والبنت النفقة عليهما فكذا هنا وإن قلنا على الإبن فوجهان أحدهما هي على الخنثى فإن بانت أنوثته رجعت على أختها بالنصف‏.‏

والثاني لا يؤخذ منه إلا النصف لأنه اليقين ويؤخذ النصف الآخر من البنت فإن بانت ذكورته رجعت قلت كان ينبغي أن يجيء وجه الإقتراض ولا يؤخذ من البنت شيء والله أعلم‏.‏

 الفصل الثاني إذا اجتمع للمحتاج قريبان من أصوله نظر

إن اجتمع أبوه وأمه فإن كان الولد صغيراً فالنفقة على الأب قطعاً وإن كان كبيراً فأوجه الصحيح أنها على الأب والثاني عليهما أثلاثاً كالإرث والثالث عليهما نصفين‏.‏

وإن اجتمعت الأم وواحد من آباء الأب فأوجه الصحيح أنها على الجد والثاني على الأم والثالث عليهما أثلاثاً والرابع عليهما نصفين‏.‏

وإن اجتمع اثنان من الأجداد والجدات نظر إن كان أحدهما يدلي بالآخر فالنفقة على القريب وإلا ففيه خمسة أوجه أرجحها اعتبار القرب والثاني الإرث والثالث وهو اختيار المسعودي الإعتبار بولاية المال فإن لم تكن لواحد منهما ولاية وأحدهما يدلي بالولي أو هو أقرب إدلاء بالولي فالنفقة عليه فإن استويا في الإدلاء به وجوداً وعدماً اعتبر فيه القرب والمراد بالولاية على هذا الوجه الجهة التي تفيدها لا نفس الولاية التي قد يمنع منها مانع مع وجود الجهة‏.‏

والرابع الإعتبار بالذكورة فالنفقة على الذكر وإلا فعلى المدلي بذكر فإن استويا اعتبر القرب‏.‏

والخامس يعتبر الإرث والذكورة معاً فإن اختص بهما أحدهما فالنفقة عليه وإن وجدا فيهما أو لم يوجدا أو وجد أحدهما في أحدهما والآخر في الآخر اعتبر القرب وعلى هذا الوجه يجبر فقد الأمثلة أبو الأب وأبو الأم إن اكتفينا بالقرب سوينا بينهما وإن اعتبرنا الإرث أو الولاية فالنفقة على أبي الأب‏.‏

أم أب وأم أم إن اعتبرنا القرب أو الإرث سوينا بينهما وإن اعتبرنا الإدلاء بالولي أو بذكر فهي على أم الأب‏.‏

أبو الأم وأم الأب إن اعتبرنا القرب سوينا وإن اعتبرنا الإرث أو الإدلاء بالولي فهي على أم الأب وعلى الوجه الخامس يجبر فقدان الإرث فيه بالذكورة وفقدان الذكورة فيها بالوراثة فيستويان‏.‏

 الفصل الثالث إذا اجتمع للمحتاج واحد من أصوله وآخر من فروعه

ففيه الأوجه الخمسة فيقدم الأقرب في وجه والوارث في وجه والولي في وجه والذكر في وجه ويستوي الذكر والأنثى في وجه وإذا وجبت النفقة على وارثين جاء الخلاف في أن التوزيع بالسوية أم بحسب الإرث فلو كان له أب وابن فهل النفقة على الإبن أم الأب أم عليهما فيه أوجه أصحها الأول لأن عصوبته أقوى ولأنه أولى بالقيام بشأن الوالد وتجري هذه الأوجه في أب وبنت وفي جد وابن ابن وتجري أيضاً في أم وبنت على المذهب وقيل يقطع بأنها على البنت قاله القاضي أبو حامد وغيره‏.‏

وفي أم وابن طريقان أحدهما طرد الأوجه الثلاثة والثاني القطع بتقديم الإبن لضعف الإناث عن تحمل المؤن ويجري الطريقان في جد وابن وفي أب وابن ابن وقال البغوي الأصح أنه لا نفقة على الأصول ما دام يوجد واحد من الفروع قريباً كان أو بعيداً ذكراً أو أنثى‏.‏

 الفصل الرابع في ازدحام الآخذين

فإذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم نظر إن وفى ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه نفقة الجميع قريبهم وبعيدهم وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد قدم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب هذا أطبق عليه الأصحاب لأن نفقتها آكد فإنها لا تسقط بمضي الزمان ولا بالإعسار ولأنها وجبت عوضاً واعترض الإمام بأن نفقتها إذا كانت كذلك كانت كالديون ونفقة القريب في مال المفلس تقدم على الديون وخرج لذلك احتمالاً في تقديم القريب وأيده بالحديث أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم معي دينار فقال ‏"‏ أنفقه على نفسك ‏"‏ فقال معي آخر فقال ‏"‏ أنفقه على ولدك ‏"‏ فقال معي آخر فقال ‏"‏ أنفقه على أهلك ‏"‏ فقدم نفقة الولد على الأهل وفي التتمة وجه أن نفقة الولد الطفل تقدم على نفقة الزوجة وأما الذين ينفق عليهم بالقرابة فتعود فيهم الأوجه في أنه يصرف الفاضل إلى الأقرب أو الوارث أو الولي وعلى الوجه الرابع القائل هناك أنها على الذكر يصرف الفاضل هنا إلى الأنثى لعجزها ويسوى في الوجه الخامس بين الذكر والأنثى وإذا صرف إلى وارثين فهل يوزع بالسوية أم بحسب الإرث وجهان قال الأكثرون بالسوية ابنان أو بنتان يصرف الموجود إليهما فإن اختص أحدهما بمزيد عجز بأن كان مريضاً أو رضيعاً قدم ذكره الروياني‏.‏

ابن وبنت الصحيح أنها كالإبنين وقيل تقدم البنت لضعفها‏.‏

ابن بنت وبنت ابن ذكر الروياني أن بنت الإبن تقدم لضعفها ويشبه أن يجعلا كالإبن والبنت‏.‏

أب وجد أو ابن وابن ابن قيل هما سواء والأصح تقديم الأب والإبن فإن كان الأبعد زمناً ففي التهذيب أنه يقدم وذكر أنه لو اجتمع جدان في درجة وأحدهما عصبة كأبي الأب مع أبي الأم فالعصبة أولى وأنه لو اختلفت الدرجة واستويا في العصوبة أو عدمها فالأقرب مقدم وإن كان الأبعد عصبة تعارض القرب والعصوبة فيستويان‏.‏

أب وابن إن كان الإبن صغيراً قدم وإلا فهل يقدم الإبن أم الأب أم يستويان فيه ثلاثة أوجه ثالثها اختيار القفال وتجري الأوجه في الإبن والأم وفي الأب والبنت وفي الجد وابن الإبن‏.‏

وابن الإبن‏.‏

أب وأم تقدم الأم على الأصح وقيل الأب وقيل يستويان‏.‏

جد وابن قيل بطرد الأوجه وقيل يقدم الإبن قطعاً وعن القاضي أبي حامد إذا اجتمع جدتان لإحداهما ولادتان وللأخرى ولادة فإن كانتا في درجة فذات الولادتين أولى وإن كانت أبعد فالأخرى أولى وأنه لو اجتمعت بنت بنت بنت أبوها ابن ابن بنته وبنت بنت بنت ليس أبوها من فرع متى استوى اثنان وزع الموجود عليهما فلو كثروا بحيث لو وزع لم يسد قسط كل واحد مسداً أقرع بينهم‏.‏

فرع إذا أوجبنا النفقة على أقرب القريبين فمات أو أعسر وجبت على الأبعد فإن أيسر الأقرب بعد ذلك لم يرجع الأبعد عليه بما أنفق‏.‏

ذكر الروياني أنه لو كان له ولدان ولم يقدر إلا على نفقة أحدهما وله أب موسر لزم الأب نفقة الآخر فإن اتفقا على الإنفاق بالشركة أو على أن يختص كل واحد بواحد فذاك وإن اختلفا عمل بقول من يدعو إلى الإشتراك‏.‏

وأنه لو كان للأبوين المحتاجين ابن لا يقدر إلا على نفقة أحدهما وللابن ابن موسر فعلى ابن الإبن باقي نفقتهما فإن اتفقا على أن ينفقا عليهما بالشركة أو يخص كل واحد بواحد فذاك وإن اختلفا رجعنا إلى اختيار الأبوين إن استوت نفقتهما وإن اختلفت اختص أكثرهما نفقة بمن هو أكثر يساراً وهذان الجوابان في الصورتين مختلفان والقياس أن يسوى بينهما بل ينبغي في الصورة الثانية أن يقال تختص الأم بالإبن تفريعاً على الأصح وهو تقديم الأم على الأب وإذا اختصت به تعين الأب لإنفاق ابن الإبن‏.‏

لا تلزم العبد نفقة ولده بل إن كانت الأم حرة فالولد حر وعليها نفقته وإن كانت رقيقة فهو رقيق نفقته على مالكه وإن كان الولد حراً وأبواه رقيقان فنفقته في بيت المال إلا أن يكون في فروعه من تلزمه نفقته ولا يلزم المكاتب نفقة ولده من زوجته سواء كانت حرة أو أمة أو مكاتبة بل لا يجوز له أن ينفق عليه صيانة لحق السيد فإن كانت زوجته الأمة لسيده أيضاً جاز أن ينفق على ولده منها وإن لم يجب لأنه ملك السيد وكذا لو كانت زوجته مكاتبة السيد إن جعلنا الولد ملكاً للسيد وإن قلنا إنه يتكاتب عليها لم يجز له أن ينفق عليه لجواز أن تعتق المكاتبة والولد ويعجز المكاتب فيكون قد فوت مال سيده هكذا أطلقوه ولا يصح إطلاق بتجويز الإنفاق على ملكه بغير إذنه ولو استولد المكاتب جارية نفسه أو كنا لا نجوز له ذلك فيتكاتب الولد عليه وينفق المكاتب عليه من أكسابه لأنه إن عتق فقد أنفق ماله على ولده وإن رق رق الولد أيضاً فيكون قد أنفق مال السيد على عبده‏.‏

فرع هل تجب نفقة المكاتب على ولده الحر عن الحاوي أنه يحتمل وجهين أحدهما لا لبقاء أحكام الرق‏.‏

والثاني نعم لانقطاع النفقة عن سيده‏.‏

قلت الأول أصح لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم فينفق من كسبه فإن تعذر عجز نفسه من نصفه حر ونصفه رقيق قال في البسيط الظاهر أنه تلزمه نفقة القريب لأنها كالغرامات وهل تلزمه نفقة تامة أم نصفها وجهان حكاهما ابن كج‏.‏

قلت الأصح نفقة كاملة لأنه كالحر كما في الكفارة‏.‏

والله أعلم‏.‏

ولو كان من نصفه حر ونصفه رقيق محتاجاً هل يلزمه قريبه الحر نفقته بقدر ما فيه من الحرية وجهان حكاهما ابن كج‏.‏

قلت الراجح الوجوب ويمكن بناؤهما على أنه هل يورث والأظهر أنه يورث كالأحرار والله أعلم‏.‏

 الباب الخامس في الحضانة

هي القيام بحفظ من لا يميز ولا يستقل بأمره وتربيته بما يصلحه ووقايته عما يؤذيه وهي نوع من ولاية وسلطنة لكنها بالإناث أليق لأنهن أشفق وأهدى إلى التربية وأصبر على القيام بها وأشد ملازمة للأطفال‏.‏

ومؤنة الحضانة على الأب لأنها من أسباب الكفاية كالنفقة وحكى السرخسي وجهاً أنه ليس للأم طلب الأجرة بعد الفطام والصحيح الأول وأما أجرة الرضاع فقد سبق بيانها وفي الباب طرفان‏.‏

فإن كان أبو الطفل على النكاح فالطفل معهما يقومان بكفايته الأب بالإنفاق والأم بالحضانة والتربية وإن تفرقا بفسخ أو طلاق فالحضانة للأم إن رغبت فيها لكن لاستحقاقها شروط‏.‏

أحدها كونها مسلمة إن كان الطفل مسلماً بإسلام أبيه فلا حضانة لكافرة على مسلم وقال الإصطخري لها الحضانة وقيل الأم الذمية أحق بالحضانة من الأب المسلم إلى أن يبلغ الولد سبع سنين ثم الأب بعد ذلك‏.‏

قال الأصحاب والصحيح الأول فعلى هذا حضانته لأقاربه المسلمين على ما يقتضيه الترتيب فإن لم يوجد أحد منهم فحضانته على المسلمين والمؤنة في ماله فإن لم يكن له مال فعلى أمه إن كانت موسرة وإلا فهو من محاويج المسلمين وولد الذميين في الحضانة كولد المسلمين فالأم أحق بها ولو وصف صبي منهم الإسلام نزع من أهل الذمة سواء صححنا إسلامه أم لا ولا يمكنون من كفالته والطفل الكافر والمجنون تثبت لقريبه المسلم حضانته وكفالته على الصحيح لأن فيه مصلحة له‏.‏

الشرط الثاني كونها عاقلة فلا حضانة لمجنونة سواء كان جنونها مطبقاً أو منقطعاً إلا إذا كان لا يقع إلا نادراً ولا تطول مدته كيوم في سنين فلا يبطل الحق به كمرض يطرأ ويزول والمرض الذي لا يرجى زواله كالسل والفالج إن كان بحيث يؤلم أو يشغل الألم عن كفالته وتدبير أمره سقط حق الحضانة وإن كان تأثيره يعسر الحركة والتصرف سقطت الحضانة في حق من يباشرها بنفسه دون الشرط الثالث كونها حرة فلا حضانة لرقيقة وإن أذن السيد ثم إن كان الولد حراً فحضانته لمن له الحضانة بعد الأم من الأب وغيره وإن كان رقيقاً فحضانته على السيد وهل له نزعه من الأب وتسليمه إلى غيره وجهان بناء على القولين في جواز التفريق ولو كانت الأم حرة والولد رقيق بأن سبي طفل ثم أسلمت أمه أو قبلت الذمة فحضانته للسيد وفي الإنتزاع منها الوجهان والمدبرة والمكاتبة والمعتق بعضها لا حضانة لهن لكن ولد المكاتبة إذا قلنا إنه لها تستعين به في الكتابة سلم إليها لا لأن لها حضانة بل لأن الحق لها‏.‏

وولد أم الولد من زوج أو زنى له حكمها يعتق بموت السيد وحضانته لسيده مدة حياته وهل لها حق الحضانة في ولدها من السيد وجهان الصحيح لا حضانة لها لنقصها وقال الشيخ أبو حامد لها الحضانة إلى سبع سنين ثم السيد أولى بالولد بعد السبع ولو كان ولد نصفه حر ونصفه رقيق فنصف حضانته لسيده ونصفها لمن يلي حضانته من أقاربه الأحرار فإن اتفقا على المهايأة أو على استئجار حاضنة أو رضي أحدهما بالآخر فذاك وإن تمانعا استأجر الحاكم حاضنة وأوجب المؤنة على السيد وعلى من يقتضي الحال الإيجاب عليه‏.‏

الشرط الرابع كونها أمينة فلا حضانة لفاسقة‏.‏

الشرط الخامس كونها فارغة خلية فلو نكحت أجنبيا سقطت حضانتها لاشتغالها بحقوق الزوج فلو رضي الزوج لم يؤثر كما لا يؤثر رضى السيد بحضانة الأمة فقد يرجعان فيتضرر الولد فلو نكحت عم الطفل فوجهان أصحهما لا تبطل حضانتها لأن العم صاحب حق الحضانة وشفقته تحمله على رعاية الطفل فيتعاونان على كفالته بخلاف الأجنبي وبهذا قطع القفال والغزالي والمتولي ويقال إن صاحب التلخيص خرجه من نص الشافعي رحمه الله أن الجدة إذا نكحت جد الطفل لا يبطل حقها من الحضانة وكذا لو كانت في نكاحه ثبت لها حق الحضانة بخلاف ما لو كانت في نكاح أجنبي والثاني يبطل حق الأم وليس العم كالجد لأن الجد ولي تام الشفقة قائم مقام الأب وهذان الوجهان في نكاح الأم العم يطردان في كل من لها حضانته نكحت قريباً للطفل له حق في الحضانة بأن نكحت أمه ابن عم الطفل أو عم أبيه أو نكحت خالته التي لها حضانة عم الطفل أو نكحت عمته خاله هكذا ذكره الشيخ أبو علي وغيره ثم إنما يبقى الحق إذا نكحت الجدة جد الطفل أو الأم عمه على الأصح إذا رضي الذي نكحته بحضانتها فإن أبى فله المنع وعليها الإمتناع‏.‏

فرع إذا اجتمعت هذه الشروط فإنما تثبت لها الحضانة إذا كان الأبوان مقيمين في بلد فإن سافر أحدهما فسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى وهل يشرط استحقاقها أن ترضع الولد إن كان رضيعاً وجهان أحدهما لا بل لها الحضانة وإن لم يكن لها لبن أو امتنعت من الإرضاع وعلى الأب أن يستأجر مرضعة ترضعه عند الإمام وهذا أصح عند البغوي والثاني وهو الصحيح وبه قطع الأكثرون يشترط لعسر استئجار مرضعة تخلي بيتها وتنتقل إلى مسكن الأم وعلى هذا لا تمنع الأم من زيارته‏.‏

فرع لو أسلمت الكافرة لو أسلمت الكافرة أو أفاقت المجنونة أو عتقت الأمة أو رشدت الفاسقة أو طلقت التي سقط حقها بالنكاح تثبت لها الحضانة لزوال المانع وسواء كان الطلاق رجعياً أو بائناً هذا هو نص المذهب وخرج ابن سريج قولاً أنه لا حضانة للرجعية حتى تنقضي العدة وبه قال المزني لأن الرجعية زوجة فعلى المذهب إن اعتدت في بيت الزوج فإنما تثبت لها الحضانة إذا رضي الزوج بأن يدخل الولد بيته فإن لم يرض لم يكن لها أن تدخله بيته وكذا في البائن وإذا رضي ثبت حقها بخلاف رضاه في صلب النكاح لأن المنع هناك لاستحقاقه الإستمتاع واستهلاك منافعها فيه وهنا للمسكن فإذا أذن صار معيراً‏.‏

فرع إذا امتنعت الأم من الحضانة إذا امتنعت الأم من الحضانة أو غابت فثلاثة أوجه الصحيح أنها تنتقل إلى الجدة كما لو ماتت أو جنت والثاني تنتقل إلى الأب والثالث إلى السلطان لبقاء أهلية الأم كما لو غاب الولي في النكاح أو عضل يزوج السلطان لا الأبعد فعلى الصحيح متى امتنع الأقرب من الحضانة كانت لمن يليه لا للسلطان لأنها للحفظ والقريب الأبعد أشفق من السلطان‏.‏

 فصل أما المجنون فهو من لا يستقل بمراعاة نفسه

ولا يهتدي إلى مصالحه لصغر أو جنون أو خبل وقلة تمييز ومتى بلغ الغلام رشيداً ولي أمر نفسه ولا يجبر على كونه عند الأبوين أو أحدهما ولكن الأولى أن لا يفارقهما ليخدمهما ويصلهما بره وإن بلغ عاقلاً غير رشيد فقد أطلق جماعة أنه كالصبي لا يفارق الأبوين وتدام حضانته وقال ابن كج إن لم يحسن تدبير نفسه فالحكم كذلك وأما إن كان اختلال الرشيد لعدم الصلاح في الدين فالصحيح أنه يسكن حيث يشاء ولا يجبر أن يكون عند الأبوين أو أحدهما وقيل تدام حضانته إلى ارتفاع الحجر عنه وهذا التفصيل حسن‏.‏

وأما الأنثى إذا بلغت فإن كانت مزوجة فهي عند زوجها وإلا فإن كانت بكراً فعند أبويها أو أحدهما إن افترقا وتختار من شاءت منهما وهل تجبر على ذلك وجهان أحدهما نعم وليس لها الإستقلال والثاني لا بل لها السكنى حيث شاءت لكن يكره لها مفارقتهما وبهذا قطع العراقيون وصحح ابن كج والإمام والغزالي الأول ثم صرح الغزالي باختصاص هذه الولاية بالأب والجد كولاية الإجبار في النكاح وذكر البغوي في ثبوتها أيضاً للأخ والعم وجهين‏.‏

قلت أرجحهما ثبوتها‏.‏

والله أعلم‏.‏

وإن كانت ثيبا فالأولى أن تكون عند الأبوين أو أحدهما ولا تجبر على ذلك باتفاق الأصحاب لأنها صاحبة اختيار وممارسة وبعيدة عن الخديعة وهذا إذا لم تكن تهمة ولم تذكر بريبة فإن كان شيء من ذلك فللأب والجد ومن يلي تزويجها من العصبات منعها من الإنفراد ثم المحرم منهم يضمها إلى نفسه إن رأى ذلك وغير المحرم يسكنها موضعا يليق بها ويلاحظها دفعاً للعار عن النسب كما يمنعونها نكاح غير الكفء وأثبت البغوي للأم ضمها إليها عند الريبة كما أثبتها للعصبة ولو فرضت التهمة في حق البكر فهي أولى بالإحتياط فتمنع من الإنفراد بلا خلاف ونقل في العدة عن الأصحاب أن الأمرد إذا خيف من انفراده فتنة وانقدحت تهمة منع من مفارقة الأبوين‏.‏

قلت الجد كالأبوين في حق الأمرد وكذا ينبغي أن يكون الأخ والعم ونحوهما لاشتراك الجميع في المعنى والله أعلم‏.‏

فرع إذا ادعى الولي ريبة وأنكرت فقد ذكر احتمالان أحدهما لا يقبل قوله لأن الحكم على الحرة العاقلة بمجرد الدعوى بعيد وأصحهما يقبل ويحتاط بلا بينة لأن إسكانها في موضع البراءة أهون من الفضيحة لو أقام بينة‏.‏

 فصل إنما يحكم بأن الأم أحق بالحضانة

من الأب في حق من لا تمييز له أصلاً وهو الصغير في أول أمره والمجنون فأما إذا صار الصغير مميزاً فيخير بين الأبوين إذا افترقا ويكون عند من اختار منهما وسواء في التخيير الإبن والبنت وسن التمييز غالباً سبع سنين أو ثمان تقريباً قال الأصحاب وقد يتقدم التمييز عن السبع وقد يتأخر عن الثمان ومدار الحكم على نفس التمييز لا على سنه وإنما يخير بين الأبوين إذا اجتمع فيهما شروط الحضانة بأن يكونا مسلمين حرين عاقلين عدلين مقيمين في وطن واحد على ما سيأتي إن شاء الله تعالى وأن تكون الأم خلية فإن اختل في أحدهما بعض الشروط فلا تخيير والحضانة للآخر فإن زال الخلل أنشيء التخيير ولو وجدت الشروط فيهما واختص أحدهما بزيادة في الدين أو المال أو محبة الولد فهل يختص به أم يجري التخيير وجهان أصحهما الثاني ويجري التخيير بين الأم والجد عند عدم الأب‏.‏

ويجري أيضاً بينها وبين من على حاشية النسب كالأخ والعم على الأصح وقيل تختص به الأم وفي ابن العم مع الأم هذان الوجهان إن كان الولد ذكراً فإن كان أنثى فالأم أحق قطعاً ويجري الخلاف أيضاً بين الأب والأخت والخالة إذا قدمناها عليه قبل التمييز كما سنذكره إن شاء الله تعالى وإذا اختار أحد الأبوين ثم اختار الآخر حولناه إليه فإن عاد واختار الأول أعدناه إلى الأول فإن أكثر التنقل بحيث يظن أن سببه نقصانه وقلة تمييزه جعل عند الأم كما قبل التمييز وكذا لو بلغ على نقصانه وخبله‏.‏

فرع إذا اختار الأب وسلم إليه فإن كان ذكراً لم يمنعه الأب من زيارة أمه ولا يحوجها إلى الخروج لزيارته وإن زارته لم يمنعها من الدخول عليه وله منع الأنثى من زيارة الأم فإن شاءت الأم خرجت إليها للزيارة لأنها أولى بالخروج لسنها وخبرتها ثم الزيارة تكون في الأيام على العادة لا في كل يوم وإذا دخلت لا تطيل المكث ولو مرض الولد ذكراً كان أو أنثى فالأم أولى بتمريضه فإنها أشفق وأهدى إليه فإن رضي بأن تمرض في بيته فذاك وإلا فينقل الولد إلى بيت الأم ويجب الإحتراز عن الخلوة إذا كانت تمرضه في بيت الأب وكذا إذا زارت الولد فإن لم يكن هناك ثالث خرج حتى تدخل وإذا مات لم تمنع من حضور غسله وتجهيزه إلى أن يدفن وإن مرضت الأم لم يكن للأب منع الولد من عيادتها ذكراً كان أو أنثى ولا يمرضها قال الروياني إلا إذا أحسنت الأنثى التمريض‏.‏

إذا اختار الأم فإن كان ابناً أوى إليها ليلاً وكان عند الأب نهاراً يؤدبه ويعلمه أمور الدين والمعاش والحرفة وإن كانت بنتاً كانت عند الأم ليلاً ونهاراً ويزورها الأب على العادة ولا يطلب إحضارها عنده وهكذا الحكم إذا كان الولد عند الأم قبل سن التخيير‏.‏

فرع إذا اختار الأم فليس للأب إهماله بمجرد ذلك بل يلزمه القيام بتأديبه وتعليمه إما بنفسه وإما بغيره ويتحمل مؤنته وكذا المجنون الذي لا تستقل الأم بضبطه يلزم الأب رعايته وإنما تقدم الأم فيما يتأتى منها وما هو شأنها‏.‏

قلت تأديبه وتعليمه واجب على وليه أباً كان أو جداً أو وصياً أو قيماً وتكون أجرة ذلك في مال الصبي فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته وقيل إن أجرة ما لا يلزمه تعلمه بعد البلوغ تكون في مال الولي مع يسار الولد والأول أصح وقد سبق بعض هذا في أول كتاب الصلاة والله أعلم‏.‏

فرع لو خيرناه فاختارهما أقرع بينهما وإن لم يختر واحداً منهما فوجهان‏.‏

أحدهما يقرع وبه قطع البغوي وأصحهما الأم أحق لأنه لم يختر غيرها وكانت الحضانة لها فيستصحب وبه قطع في قال الروياني لو ترك أحد الأبوين في وقت التخيير كفالته للآخر كان الآخر أحق به ولا اعتراض للولد فإن عاد وطلب الكفالة عدنا إلى التخيير قال ولو تدافع الأبوان كفالته وامتنعا منها فإن كان بعدهما من يستحق الحضانة كالجد والجدة خير بينهما وإلا فوجهان أحدهما يخير الولد ويجبر من اختاره على كفالته فعلى هذا لو امتنعا من الحضانة قبل سن التمييز يقرع بينهما ويجبر من خرجت قرعته على حضانته والثاني يجبر عليها من تلزمه نفقته‏.‏

قلت أصحهما الثاني والله أعلم‏.‏

 فصل ما سبق من أن الأم أولى من الأب قبل التمييز

وأنه يخير بينهما بعد تمييزه هو فيما إذا كان الأبوان مقيمين في بلد واحد فأما إذا أراد أحدهما سفراً أو أرادا سفراً يختلف فيه بلدهما فينظر إن كان سفر حاجة كحج وغزو وتجارة لم يسافر بالولد لما في السفر من الخطر والمشقة بل يكون مع المقيم إلى أن يعود المسافر سواء طالت مدة السفر أم قصرت وعن الشيخ أبي محمد وجه أن للأب أن يسافر به إذا طال سفره وإن كان سفر نقلة نظر إن كان ينتقل إلى مسافة القصر فللأب أن ينتزعه من الأم ويستصحبه معه سواء كان المنتقل الأب أو الأم أو أحدهما إلى بلد والآخر إلى آخر احتياطاً للنسب فإن النسب يتحفظ بالآباء ولمصلحة التأديب والتعليم وسهولة القيام بنفقته ومؤنته وسواء نكحها في بلدها أو في الغربة فلو رافقته الأم في طريقه دام حقها وكذا في المقصد ولو عاد من سفر النقلة إلى بلدها عاد حقها ولو كان الطريق الذي يسلكه مخوفاً أو البلد الذي يقصده غير مأمون لغارة ونحوها لم يكن له انتزاع الولد وإن كان الإنتقال إلى دون مسافة القصر فوجهان أحدهما لا يؤثر ويكونان كالمقيمين في محلتين من بلد وأصحهما أنه كمسافة القصر ولو اختلفا فقال أريد الإنتقال فقالت بل التجارة فهو المصدق بيمينه وقال القفال يصدق بلا يمين والأول أصح فإن نكل حلفت وأمسكت الولد وسائر العصبات من المحارم كالجد والأخ والعم بمنزلة الأب في انتزاع الولد ونقله إذا أرادوا الإنتقال احتياطاً للنسب وكذا غير المحارم كابن العم إن كان الولد ذكراً وإن كان أنثى لم تسلم إليه قال المتولي إلا إذا لم تبلغ حداً يشتهى مثلها وفي الشامل أنه لو كان له بنت ترافقه سلمت إلى بنته وأما المحرم الذي لا عصوبة له كالخال والعم للأم فليس له نقل الولد إذا انتقل لأنه لاحق له في النسب‏.‏

فرع ثبوت حق النقل للأب إنما يثبت حق النقل للأب وغيره إذا استجمع الصفات المعتبرة في الحضانة قال المتولي ولو كان للولد جد مقيم وأراد الأب الانتقال كان له أن ينقل الولد ولم تمنع منه إقامة الجد وكذا حكم الجد عند عدم الأب ولا تمنعه إقامة الأخ أو العم لكن لو لم يكن أب ولا جد وأراد الأخ الإنتقال وهناك ابن أخ أو عم يقيمان فليس للأخ انتزاعه من الأم لنقله بخلاف الأب والجد لكمال عنايتهما وتقارب عناية غيرهما من العصبات‏.‏

فرع لو كان كل واحد من الأبوين يسافر لحاجة واختلف طريقهما ومقصدهما‏.‏

فيشبه أن يدام حق الأم ويحتمل أن يكون مع الذي مقصده أقرب أو مدة سفره أقصر‏.‏

قلت المختار أنه يدام مع الأم وهو مقتضى كلام الأصحاب والله أعلم‏.‏

الطرف الثاني في ترتيب المستحقين للحضانة فمتى اجتمع اثنان فصاعداً من مستحقي الحضانة نظر إن تراضوا بواحد فذاك وإن تدافعوا وجبت على من عليه النفقة وقيل يقرع وتجب على من خرجت قرعته والصحيح الأول وإن طلبها كل واحدة ممن فيه شروطها فهم ثلاثة أضرب الضرب الأول محض الإناث فأولاهن الأم ثم أمهاتها المدليات بالإناث تقدم أقربهن وتقدم البعدى منهن على القربى من أمهات الأب ثم بعد أمهات الأم قولان الجديد تقدم أم الأب ثم أمهاتها المدليات بالإناث ثم أم أبي الأب ثم أمهاتها المدليات بالإناث ثم أم أبي الجد ثم أمهاتها كذلك وتقدم الأقرب منهن فالأقرب ويتأخر عنهن الأخوات والخالات ودليل هذا القول أنهن جدات وارثات فقدمن على الأخوات والخالات على هؤلاء الجدات والقولان متفقان على تقديم جنس الأخوات على الخالات وعلى أن الخالات يقدمن على بنات الأخوات وبنات الإخوة والعمات لأنهن يشاركنهن في المحرمية والدرجة وعدم الإرث ويتميزون بالإدلاء بقرابة الأم وعن ابن سريج تقديم الخالة على الأخت للأب وهو شاذ ضعيف ثم الحضانة بعد الخالات لبنات الأخوات وبنات الأخوة يقدمن على العمات هكذا رتب الإمام الغزالي والبغوي وحكى الروياني هذا وجهاً‏.‏

وادعى أن الأصح تقديم العمات على بنات الإخوة وبنات الأخوات ثم حكى وجهين فيمن يقدم بعد العمات أحدهما بنات الأخوات والإخوة ثم بنات سائر العصبات بعد الإخوة ثم بنات الخالات ثم بنات العمات ثم خالات الأم ثم خالات الأب ثم عماته‏.‏

والثاني تقدم بعد العمات خالات الأم ثم خالات الأب ثم عماته ولا حضانة لعمات الأم لإدلائهن بذكر غير وارث ثم خالات الجد ثم عماته وهكذا فإن فقدن جميعاً فالحضانة لبنات الأخوات والإخوة وفي أي رتبة وقعن تقدم بنات الأخوات على بنات الإخوة كما تقدم الأخت على الأخ‏.‏

فرع الأخت من الأبوين الأخت من الأبوين تقدم على الأخت من الأب وعلى الأخت من الأم وأما الأخت من الأب والأخت من الأم فأيهما تقدم على صاحبتها وجهان الصحيح المنصوص في الجديد والقديم تقديم الأخت من الأب وقال المزني وابن سريج تقدم الأخت من الأم وأما الخالة من الأب مع الخالة من الأم والعمة فإن قدمنا الأخت للأم على الأخت للأب فكذا هنا وإن قدمنا الأخت للأب فوجهان أحدهما تقدم الخالة للأم والعمة للأم وأصحهما تقديم التي هي لأب وفي الخالة لأب وجه أنها لا تستحق حضانة أصلاً لأنها تدلي بأبي أم‏.‏

فرع لا حضانة لكل جدة تسقط في الميراث المنصوص أنه لا حضانة لكل جدة تسقط في الميراث وهي من تدلي بذكر بين أنثيين وقيل لهن الحضانة لكن يتأخرن عن جميع المذكورات أولاً وقيل يتقدمن على الأخوات والخالات لأنهن أصول ويتأخرن عن الجدات الوارثات وفي معنى الجدة الساقطة كل محرم يدلي بذكر لا يرث كبنت ابن البنت وبنت العم للأم‏.‏

الأنثى التي ليست بمحرم كبني الخالة والعمة وبنتي الخال والعم لهن الحضانة على الأصح فإن كان الولد ذكراً استمرت حضانتهن حتى يبلغ حداً يشتهى مثله وتقدم بنات الخالات على بنات الأخوات وبنات العمات على بنات الأعمام وتقدم بنات الخؤولة على بنات العمومة‏.‏

فرع لبنت المجنون حضانته إذا لم يكن له أبوان ذكره ابن كج قال الروياني ولو كان للمحضون زوجة كبيرة وكان له بها استمتاع أو لها به استمتاع فهي أولى بكفالته من جميع الأقارب وإن لم يكن استمتاع فالأقارب أولى وكذا لو كان للمحضونة زوج كبير وهناك استمتاع فهو أولى وإلا فالأقارب فإن كان لها قرابة أيضاً فهل يرجح بالزوجية وجهان‏.‏

الضرب الثاني محض الذكور وهم أربعة أصناف الأول محرم وارث كالأب والجد والأخ وابن الأخ والعم فلهم الحضانة وحكى البغوي وغيره وجهاً أنه لا حضانة لغير الأب والجد من الرجال وقيل لا حضانة للأخ من الأم خاصة لعدم العصوبة والولاية والصحيح الأول فيقدم الأب ثم الجد وإن علا يقدم منهم الأقرب فالأقرب ثم الأخ للأبوين ثم الأخ للأب ثم الأخ للأم ثم بنو الإخوة على هذا الترتيب ثم العم للأبوين ثم العم للأب ثم عم الأب ثم عم الجد هذا هو المذهب وفي وجه يقدم الأخ للأم على الأخ للأب وفي وجه يتقدم العم على الأخ للأم لعصوبته وفي وجه يتقدم الأعمام على بني الإخوة من الأم‏.‏

الصنف الثاني وارث غير محرم كابن العم وابنه وابن عم الأب والجد فلهم الحضانة على الصحيح وفيهم الوجه الذي حكاه البغوي ثم إن كان الولد ذكراً أو أنثى لا تشتهى سلمت إليه وإن بلغت حداً تشتهى لم تسلم إليه لكن له أن يطلب تسليمها إلى امرأة ثقة وتعطى أجرتها فإن كانت له بنت سلمت إليه وفي ثبوت الحضانة للمعتق وجهان أحدهما نعم كالإرث وولاية النكاح وتحمل الدية وأصحهما لا لعدم القرابة التي هي مظنة الشفقة فعلى هذا لو كانت له قرابة وهناك من هو أقرب منه فهل يرجح لانضمام عصوبة القرابة إلى عصوبة الولاء وجهان حكاهما الروياني مثاله عم وعم أب معتق‏.‏

قلت الأصح لا يرجح والله أعلم‏.‏

الصنف الثالث محرم غير وارث كأبي الأم والخال والعم للأم وابن الأخت وابن الأخ للأم فلا حضانة لهم على الأصح لضعف قرابتهم فإن قلنا لهم حضانة تأخروا عن المحارم الوارثين وعن الوارثين الذين لا محرمية لهم‏.‏

الصنف الرابع من ليس بمحرم ولا وارث من الأقارب كابن الخال والخالة والعمة فلا حضانة لهم على المذهب وقيل وجهان وإذا أثبتنا الحضانة لجميع المذكورين من الأصناف الأربعة تفريعاً على المذهب في بعضهم وعلى الضعيف في بعضهم وتركنا التقسيم قلنا يقدم الأب ثم أب الأب وإن علا ثم الإخوة ثم بنوهم ثم الأعمام ثم بنوهم ثم أعمام الأب ثم بنوهم ثم أعمام الجد ثم بنوهم ثم الجد أبو الأم وكل جد يدلي بذكر بين أنثيين يقدم الأقرب منهم فالأقرب ثم الخال ثم العم للأم ثم ابن الخال ثم ابن العم للأم ثم المعتق ثم عصباته ومنهم من يقتضي كلامه تأخر بني العم عن أعمام الضرب الثالث في اجتماع الذكور والإناث فتقدم الأم على جميعهم حتى على الأب ثم أم الأم وإن علت تقدم على الأب وغيره فلو نكحت الأم ورضي أبو الولد وزوجها بكونه عندها سقط حق الجدة على الأصح وإذا اجتمع الأب والجدات من جهته قدم عليهن على الصحيح‏.‏

المنصوص لأنهن يدلين به وقيل يتقدمنه لولادتهن وصلاحيتهن وطرد هذا الخلاف في الأخت للأب مع الأب وإن كانت فرعاً له لصلاحيتها وأما الأخت من الأبوين أو من الأم والخالة فإن قلنا بالقديم وقدمناهن على أمهات الأب قدمناهن على الأب وإن قدمنا أمهات الأب على الأخت والخالة يقدم الأب هنا على الأصح المنصوص وقيل يتقدمان عليه لأنوثتهما وإدلائهما بالأم فعلى هذا لو كانت مع الأب أو الأخت للأب والخالة أم الأب فوجهان قال الإصطخري الحضانة للأب لأن الأخت تسقط بأم الأب وهي تسقط بالأب وقال الأكثرون الحضانة للأخت لأنها مقدمة على الأب على الوجه الذي تفرع عليه وتسقط أم الأب بالأب‏.‏

ولو اجتمع الأب والأخت للأب والأخت للأم وقلنا بالصحيح إن الأخت للأم مقدمة على الأخت للأب فهل الحضانة للأب أم للأخت للأم فيه هذان الوجهان فإذا قلنا بالصحيح في تقديم الأب على أمهاته وبالأصح في تقديمه على الأخت للأم والخالة فالمقدم بعد أمهات الأم الأب ثم أمهاته المدليات بالإناث ثم الجد أبو الأب وفيه مع أمهاته ما في الأب ثم أبو الجد وأمهاته كذلك ويتقدمون جميعاً على الأقارب الواقعين على حواشي النسب وأما الجدات الساقطات فقد سبق الكلام في استحقاقهن وفي زينتهن وإذا لم يوجد مستحق للحضانة من الأجداد والجدات فثلاثة أوجه أحدها نساء القرابة وإن بعدن أولى من الذكور وإن كانوا عصبات لصلاحيتهن فعلى هذا تقدم الأخوات والعمات والخالات وبناتهن على الإخوة والأعمام وبنيهم والثاني العصبات أولى لقوة نسبهم وقيامهم بالتأديب والثالث وهو الأصح لا يرجح واحد من الفريقين على الآخر بل يقدم منهم الأقرب فالأقرب فإن استوى اثنان قدم بالأنوثة فعلى هذا تقدم بعد الآباء والأمهات الإخوة والأخوات وتقدم الأخوات على الإخوة ثم بعد الإخوة بنات الأخوات ثم بنو الإخوة وتقدم بنت الأخ على ابن الأخت اعتباراً من يحضن لا بمن يدلي به فإن فقدوا كلهم فالحضانة للخؤولة ثم العمومة وتقدم الخالات على الأخوال والعمات على الأعمام فإن فقدوا فالحضانة لأولادهم على ما ذكرنا في أصولهم ثم لخؤولة الأبوين ثم لعمومتهما على هذا الترتيب وإذا استوى اثنان كأخوين أو خالتين وتنازعا أقرعنا وإذا لم يوجد أحد من نساء القرابة ولا من العصبات وهناك رجال من ذوي الأرحام فحكمهم ما ذكرنا في الصنف الرابع‏.‏

فرع الأخت مع الجد كهي مع الأب‏.‏

لو كان في أهل الحضانة خنثى هل يتقدم على الذكر في موضع لو كان أنثى لتقدم لاحتمال الأنوثة أم لا لعدم الحكم بها وجهان‏.‏

قلت الأصح الثاني والله أعلم‏.‏

وإذا أخبر عن ذكورته أو أنوثته عمل بقوله في سقوط الحضانة وهل يعمل بها في استحقاقها أم لا يعمل للتهمة وجهان حكاهما الروياني‏.‏

قلت أصحهما يعمل وهو الجاري على قواعد المذهب في نظائره والله أعلم‏.‏